Homepage »     Skip page »

العلاج بالضحك... لمواجهة مشكلات الحياة

نشرَ موقع Cell Press، دراسةً علميّةً حديثة، أكدت أنّ الضحك مهم جداً لصحّة الإنسان النفسية. ومن المعروف بأنّ الضحك عادة «مُعْدِية»، أي لا يمكن أن نرى شخصاً يضحك، دون أن نضحك معه. ولكن، أشارت هذه الدراسة إلى أنّ الأشخاص، الذين يواجهون مشكلات نفسية وخصوصاً الذكور منهم، لا تُطبَّق عليهم هذه القاعدة وهم لا يضحكون مع الآخرين. فما هي الأهمية النفسية والجسدية للضحك؟ وما هو العلاج بالضحك؟ وهل هو فعّال؟الضحك تعبير إيجابي يستخدمه الإنسان تجاه موقف معيّن. ويمكن أن يعبّر الضحك عن السعادة والفرح والغبطة. يبدأ المرء بالضحك منذ أيامه الأولى، حتّى إننا نجد على الشبكة العنكبوتية، بعض الصور لأجنّة في بطون أمهاتهم، وهم يبتسمون.

يشكّل الضحك ردّة فعل فزيولوجيّة نتيجة تعرّض الإنسان لموقف هزلي يدفعه إلى الضحك. فكم من المرات، نضحك عندما نحصل على صور مضحكة أو نسمع نكتةً ذات طابع إستهزائي أو كوميدي على هاتفنا الجوّال.

ما هو الضحك؟

يعتبر الفيلسوف الإغريقي «أرسطو»، بأنّ الضحك هو «تمرين جسدي ثمين للصحة». أمّا الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط فيرى أنّ: «الضحك أحد الطرق الثلاثة التي يمكن أن يتبعها البشر لمواجهة مشكلات الحياة. أما الطريقتان الأخريان، فهما الأمل والنوم».

لاحقاً، أب التحليل النفسي، «فرويد»، فسّر بأنّ «الضحك ظاهرة وظيفتها إطلاق الطاقة النفسية، التي تمّت تعبئتها بشكل خاطئ أو بتوقعات كاذبة». لذا بعض الأحيان عندما نكون متعبين «نفسياً أو جسدياً»، نتقهقه ضحكاً فقط لإفراغ الطاقة السلبية الموجودة داخلنا.

أما علماء النفس السلوكيّين، فيفسّرون الضحك بأنه علامة من علامات التفاعل الإجتماعي مع الآخر وهو «جزء لا يتجزّأ من سلوك الإنسان، مصدره المخ الذي ينظمه».

فوائده؟

على الصعيد الجسدي:

أولاً، فزيولوجياً، يُشغّل الضحك الجهاز التنفسي، وعضلات الوجه، والأرجل والظهر، ويساهم في شدّ عضلات البطن وعدم ترهّلها.

ثانياً، يساعد الضحك على تقليل إفراز هرمونات التوتّر (الكورتيزول والأدرينالين)، علماً أنّ هذه الإفرازات تؤثّر مباشرةً في الجهاز المناعي عند الإنسان وتضعفه.

في المقابل، يتمتّع الإنسان الإيجابي صاحب الروح الفكاهية بنسبة قلق منخفضة ما يقوّي جهازه المناعي ويحارب الجراثيم التي تحيط بجسمه. كما يعمل الضحك على تدمير الأورام ومحاربة الخلايا السرطانية وإلتئام الجروح، بحسب دراسات علمية كثيرة أكّدت أنّ الجهاز المناعي يتأثّر مباشرةً بالحالة النفسية للشخص.

ثالثاً، يساعد الضحك على حسن سير الدورة الدموية وزيادة نشاط خلايا المناعة. وبالنسبة للأوعية الدموية، أكّدت الدراسات بأنها تعمل بشكل طبيعي عندما يكون الإنسان فرحاً، بينما ينخفض مستوى عملها عندما يمرّ هذا الإنسان بحالة توتر وضغوط نفسية.

رابعاً، للضحك دور بارز في التخفيف من الألم. العديد من المستشفيات الأوروبية والأميركية تعتمد على حصص الضحك للتخفيف من الألم عند الأطفال المصابين بمرض السرطان أو عند المرضى المصابين بأمراض مستعصية.

خامساً، تشير الكثير من الدراسات إلى أنّ الضحك يحمي القلب من الأمراض، ويوسّع أوعيته الدموية، ويمنع تصلّب الشرايين. وينصح الخبراء الإنسان، الذي يتعرّض للكثير من الضغوط، بالضحك، للتخفيف من إفراز هرمون الكورتيزول الذي يؤثر سلباً في صحة القلب.

إلى ذلك، يُعتبر الضحك واحداً من العلاجات النفسية التي تستحوذ الإهتمام على الصعيد العلمي وتخصّص له الدراسات والمؤتمرات، ومن فوائده النفسيّة:

• وقاية الدماغ من الشيخوخة وتخفيف الكورتيزول في الدم وتحسين الذاكرة.

• الإسترخاء والنوم. الإنسان الذي يضحك كثيراً، تتحسّن نوعيّة نومه مقارنةً بالشخص العابس.

• يساعد الضحك على تنمية المهارات المعرفية والفكرية عند الإنسان. كما يقوّي الذاكرة والإنتباه وإستعمال المنطق في الحياة اليومية والإبداع والمهارات المختلفة والقدرة على معالجة المسائل بشكل سريع ومنطقي.

• الإنسان الذي يضحك ويحب الضحك له قدرة فعّالة على التقرّب من الناس ومصادقتهم. كما يتأقلم ويتفاعل إيجاباً مع الآخرين.

العلاج بالضحك

تؤكد الدراسة التي تحمل عنوان: For boys at risk of psychopathy, laughter isn’t so contagious، بأنّ الضحك ليس مُعْدِياً بالنسبة للذكور الذين يتعرّضون لمشكلات نفسية. وبحسب الدراسة، مَن هم عرضة لمرض نفسي، لا يضحكون مع الآخرين.

إلى ذلك، يُعتبر العلاج بالضحك من العلاجات النفسية الجديدة، وجذورها من اليوغا. طبعاً لا يُشكّل الضحك علاجاً نفسياً للاضطرابات النفسية التي تؤثر في حياة الفرد، بل يُسهم في معالجة القلق والخوف والحزن. ويعتمد العلاج بالضحك على عرض بعض الوسائل بهدف إضحاك المريض.

من هذه الوسائل: الأفلام الكوميدية، والمسرحيات، وإقامة الإجتماعات التي تهدف إلى إضحاك الآخر، فتساعد المريض على الإبتسام. لا يكون المدرّب خلال هذه الاجتماعات كوميدياً، بل يقوم ببعض التدريبات البسيطة والمضحكة مع مجموعة من الأشخاص.

هذا النوع من العلاج، يُقام بطريقة فردية أي يحضره المعالج والمريض أو الشخص الذي يطلب المساعدة فقط. كما يمكن أن تضمّ جلسات العلاج مجموعة من الأشخاص، ولكلا الطريقتين، نقاط إيجابية ونقاط سلبية. وهناك العديد من الوسائل أو الطرق التي يمكن أن يعتمدها المعالج، حسب الحالة ونوعية الإضطراب وشخصية وعمر المريض.

ويمكن تقسيم هذه الوسائل التي «تفرز» الضحك إلى النقاط التالية:

• يجمع المعالج بعض المعطيات المضحكة عن المريض. طبعاً، هذه المعطيات لا تؤثر به نفسياً بل هي فقط مضحكة لسبب ما. ويعالج الأخصائي المريض من خلال هذه المعطيات التي أضحكته خلال مرحلة الطفولة.

• العلاج عن «طريق المهرّج»: يتمّ خلاله إستعمال شخصية المهرّج. هذا النوع من العلاجات، عادةً ما يُستخدَم في المستشفيات لعلاج الأطفال المرضى. ويقوم المهرّج ببعض الحركات التي تُضحك الطفل الصغير بدون الإستهزاء أو التخفيف من قدراته الجسدية. يساعد هذا النوع من العلاج على تخفيف القلق والخوف عند الأطفال.

• العلاج بالضحك من خلال التأمّل. يقوم على تأمّل الشخص لمدة 15 دقيقة يتمّ خلالها إرخاء عضلات الجسم، ثمّ يبدأ الشخص بالضحك وهو مرخي، مرتكزاً على بعض الذكريات المضحكة التي مرّ بها. ثمّ يهدأ لوحده ويتأمّل من خلال موسيقى هادئة جداً.

• العلاج بيوغا الضحك وهو شبيه بالعلاج بالضحك. يقوم ضمن مجموعة حيث يبدأ الضحك بدون أيّ مثيرات خارجية ويصبح مُعْدِياً بين المشاركين الذين يضحكون لفترة محدّدة من الوقت (ما بين 15 و45 دقيقة).

د. أنطوان الشرتوني- الجمهورية

Homepage »     Skip page »